من الأدب العربي
* قال الأصمعي : حضر أعرابي عند الحجاج فقُدم إليه فالوذج فلما أكل الأعرابي منه لقمة قال الحجاج : من أكل هذا ضربت عنقه .
فامتنع الناس وجعل الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرة وإلى الطعام مرة ثم قال : أيها الأمير أوصيك بالصبية خيراً ، وابتدأ يأكل .
فضحك الحجاج حتى استلقى على ظهره وأمر له بجائزة .
* شكا رجل إلى طبيب وجع بطنه فقال له الطبيب : ماالذي أكلت ؟
قال : رغيفاً محترقاً .
فدعا الطبيب بكحل ليكحله ، فقال الرجل : إنما أشتكي وجع بطني لا عيني
قال الطبيب : عرفت ولكن أكحلك لتبصر المحترق فلا تأكله .
* دخل بعضهم على رجل قد ذهب بصره والناس يعزونه فقال له لا تغتم يا أخي فلو رأيت ثواب ذلك لتمنيت أن يقطع الله يديك ورجليك .
فرد عليه الأعمى : فعل الله بك ذلك وأجزل لك الثواب .
* ماتت جاريـة لبعضهم فلما حُملت جنازتها جعل يقول : خَدمتِ مولاك حق الخدمة في حياتك وأنا اليوم أكافئك ، اشهدوا أني قد حررتها لوجه الله .
* وقف أعرابي على قوم فسألهم عن أسمائهم فقال الأول : وثيق وقال الثاني : منيع ، وقال الثالث : ثابت ، وقال الرابع : شديد .
فقال الأعرابي : ما أظن الأقفال عُملت إلا من أسمائكم .
* كان الحُطيئة قبيح المنظر كثير الشر ، فالتمس يوماً إنساناً يهجوه فلم يجده فوقف على ماء وجعل يقول :
أبت شفتاي اليوم إلا تكلما بِشرّ ولا أدري لمن أنا قائله
ثم نظر في المــاء فرأى وجهه فقال :
أرى لي وجهاً قبّح الله خلقه فقُبّحَ من وجهٍ وقُبّحَ حامله
* روي أن بلال بن أبي بردة كان في حبس الحجاج وكان يعذبه ، وكان كل من مات من الحبس رُفع خبره إلى الحجاج فيأمر بإخراجه وتسليمه إلى أهله فقال بلال للسجّان : خذ مني عشرة آلاف درهم وأخرج اسمي للحجاج في الموتى فإذا أمرك بتسليمي إلى أهلي هربتُ في الأرض فلم يعرف الحجاج خبري ، وإن شئتَ أن تهرب معي فافعل وعلي غناك أبداً .
فأخذ السجان المال ورفع اسمه في الموتى .
فقال الحجاج : مثل هذا لا يجوز أن يخرج إلى أهله حتى أراه ، هاته .
فعاد السجان إلى بلال فقال : اعهد .
قال بلال : وما الخبر ؟
قال السجّان : إن الحجاج قال كذا وكذا فإن لم أحضرك إليه ميتاً قتلني وعلم أني أردتُ الحيلة عليه ، ولا بد أن أقتلك خنقاً .
فبكى بلال وسأله أن لا يفعل ، فلم يكن إلى ذلك طريق فأوصى وصلى .
فأخذه السجّان وخنقه ثم أخرجه إلى الحجاج فلما رآه ميتاً قال : سلمه إلى أهله ، فأخذوه وقد اشترى القتل لنفسه بعشرة آلاف درهم ورجعت الحيلة عليه .
* حدّث أبوبكر الخطاط قال : كان رجل فقيه خطه في غاية الرداءة فكان الفقهاء يعيّبونه بخطه ويقولون : لا يكون خط أردأ من خطك ، فيضجر من عيبهم إياه ، فمر يوماً بمجلد يُباع وفيه خط رآه أردأ من خطه فبالغ في ثمنه حتى اشتراه بدينار وقيراط وجاء به ليحتج على أصحابه إذا قرأوه ، فلما حضر معهم أخذوا يذكرون قبح خطه فقال لهم : قد وجدتُ أقبح من خطي وبالغتُ في ثمنه حتى أتخلص من عيبكم فأخرجه وتصفحوه وإذا في آخره اسمه وأنه قد كتبه في شبابه فخجل من ذلك .
* روي أن الحجاج قال لغلام له : تعال نتنكر وننظر ما لنا عند الناس فتنكرا وخرجا فمرا على المطلب غلام أبي لهب فقالا : يا هذا ، أي شيء على الحجاج ؟
قال : على الحجاج لعنة الله .
قالا : فمتى يخرج ؟
قال : ما يُدريني ، أخرج الله روحه من بين جنبيه .
قال الحجاج : أتعرفني ؟
قال المطلب : لا
قال الحجاج : أنا الحجاج بن يوسف .
قال المطلب : أتعرفني أنت ؟
قال الحجاج : لا
قال المطلب : أنا المطلب غلام أبي لهب ، أصرع في كل شهر ثلاثة أيام أولها اليوم ، فتركه الحجاج ومضى .