أذكرها... وما زالت تلوح أمام أعيني في الأفق البعيد، نعم وما زلت أرددها للصاحب والحبيب، يومها كانت شمسنا في المغيب ، والبحر مشلول حزين أين موجه؟
بل ما باله خاصم صخرة بالأمس ضمها واليوم ما لها من خليل؟
أذكرها... وكنا براعم رسمت بقلم مدمع أقصى حزين. لم تعلم حينها أن ما تطبعه
من خواطر حاصل و سيحصل إلى حين. قلم بريء خط برسمه صورة المسجد الحبيب، ولكن
مهلا ...... إنه يغرق أراه يغرق في بحر من الدم بكتها عين فوق قبة المسجد الأسير.
أذكر حينها تميزت وكانت في صدر معرض بسيط، نظرت إلى مسجدها بل بحرها بل عينها وقلت ويحها حزينة تبقى بين أترابي ومضيت بدون انتباه أو تأمل أو محاكاة
لوجدان نائم غريق.
ومرت السنين.....
وتتابعت الأيام....
وتلاحقت اللحظات....
وها نحن تجاوزنا رؤية هذه الرسمة واضحة حية أمام أعيننا, بل وخطينا عتبة زمن
أضحى به خبر الشهيد أو مشهد الدم، كأكل أو شرب أو نوم، بئس أكلنا ونومنا وشرابنا، يوم أن تركناك تغرق في بحر من الدم, ويوم أن جفت أعيننا ومسحت
مشاعرنا. لا تؤاخذنا...... لا تؤاخذنا....... فسامحنا.
آه مع كل نبضة قلب وخفقة دم.
آه من قوم مسخ الران قلوبهم وعميت بصيرتهم, لم يعلموا أنك يا أقصى تحضنك
أرض مباركة قدس يا فردوسنا.
أين هم من مشهد يوم عصيب يوم تعرض الأمانات فلا تخفى صغيرة و لا كبيرة, وعندها يقولون يا حسرتنا على ما فرطنا فيها.
معذرة........
فالأجنحة بترت, والذيل سلبت, وحط الجميع مقعدا مشلولا, لا يحرك ساكنا ولا
يقدر حتى على أن يحرك نفسه.
معذرة يا قدس.......
فاليراعة جفت, والروح منها نصبت, واعتزلكم عساك تلقين من لا تجف يراعته, ومن يحط بجناحيه على قبة مسجدك يعبق الجو الحانا وتغريدا.
فان طال الليل لا بد للصبح أن يتنفس, ولا بد لشمسك أن تعود يا قدس فتقبل
بأشعتها الوديان والسهول والجبال.
فمعذرة إلى كل حفنة تراب من أرضك ونسمة عليلة في سمائك. معذرة كل المعذرة.